استراتيجيات التسويق بين الشركات وتوجهاته المستقبلية لتعزيز الأداء وتحقيق النمو

يشهد عالم التسويق بين الشركات (B2B Marketing) تحولاً سريعاً، ويعتبر تقرير "معيار التسويق بين الشركات لعام 2024" الصادر عن LinkedIn مصدرًا أساسيًا لفهم كيفية تكيّف فرق التسويق مع تحديات السوق ومتطلبات العصر الرقمي. يقدم التقرير رؤى حول الاستراتيجيات والأساليب التي يعتمدها قادة التسويق للتكيف مع التطورات التكنولوجية، وتطوير فرق عمل متعددة المهارات، وتعزيز التعاون بين الإدارات، بالإضافة إلى ترسيخ مبادئ الشمولية والتنوع.

1. بناء فرق تسويقية مرنة متعددة التخصصات

من المتوقع أن يكون فريق التسويق المستقبلي أكثر مرونة وتنوعاً، مع دمج المهارات التقليدية بقدرات حديثة مثل تحليل البيانات واستخدام الذكاء الاصطناعي يشير التقرير إلى أهمية بناء فرق تدمج بين المهارات التسويقية التقليدية مثل تطوير العلامة التجارية والعلاقات العامة، مع المهارات الرقمية الحديثة مثل تحليل البيانات والتسويق عبر الوسائط الرقمية.

2. تبني الابتكار التكنولوجي والذكاء الاصطناعي

يشهد مجال التسويق بين الشركات تحوّلاً كبيرًا في الاعتماد على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) وأدوات التحليل الرقمي. التقرير أظهر أن 66% من المسوقين يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بزيادة 20% عن العام السابق. ويعتبر الذكاء الاصطناعي أداة فعالة لتبسيط عمليات التسويق وتحسين تجربة العملاء ومع ذلك، يواجه المسوقون تحديات، منها نقص المهارات التقنية اللازمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، بالإضافة إلى القلق من قضايا الخصوصية، مما يتطلب وضع سياسات استخدام واضحة لتفادي المخاطر المحتملة.

3. إدارة الميزانيات والتخطيط الاستراتيجي

تُعد إدارة الميزانية من العوامل الحيوية لنجاح حملات التسويق، حيث ذكر التقرير أن 60% من ميزانيات التسويق تذهب لاكتساب عملاء جدد، في حين تُخصص 40% للاحتفاظ بالعملاء الحاليين يعبّر هذا التركيز على النمو واكتساب العملاء عن أهمية التوسع في قاعدة العملاء، كما أبدى 72% من المسوقين تفاؤلاً بزيادة الميزانيات خلال العام المقبل.

4. الاستثمار في بناء العلامة التجارية

تكتسب العلامات التجارية دوراً محورياً في استراتيجيات التسويق، حيث اتجه قادة التسويق نحو دعم مبادرات تعزيز العلامة التجارية. أشار التقرير إلى أن 70% من المسوقين أفادوا بأن استثماراتهم في بناء العلامة ساهمت في زيادة التفاعل ورفع مستوى الوعي لدى الجمهور المستهدف، مشيرين إلى دور الحملات الإبداعية في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

5. تعزيز التسويق الرقمي ودمج الوسائل الجديدة

تعتمد معظم فرق التسويق بشكل متزايد على قنوات التسويق الرقمي، وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي، لاعتبارها وسيلة فعّالة في الوصول إلى العملاء المستهدفين  التقرير يظهر أن 75% من المسوقين يستخدمون هذه القنوات بشكل أساسي، ويعتبرونها الأكثر فعالية مقارنة بالوسائل الأخرى. ويبرز الفيديو والمحتوى البصري كأحد أهم الأساليب لتقديم تجربة تفاعلية تجذب العملاء.

6. تعزيز الشمولية والتنوع

يشير التقرير إلى ازدياد الوعي بأهمية التنوع والشمولية في بيئة العمل وبين فرق التسويق. وقد أظهر 60% من رؤساء التسويق أنهم قاموا بزيادة الاستثمار في مبادرات التنوع والشمولية خلال العام الماضي. وتعد هذه المبادرات حيوية لتعزيز ثقافة الشركة وتحقيق نتائج إيجابية على مستوى الإنتاجية وتفاعل الجمهور، إذ يتم العمل على توسيع مفهوم الشمولية ليشمل مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية والجنسية.

7. تطوير المهارات وبناء قدرات الفرق

يعتمد نجاح فرق التسويق على قدراتها التنافسية، والتي تُبنى على أساس تعزيز المهارات وتنمية القدرات. ويُعد التدريب المستمر والاستثمار في تطوير المهارات أحد الأساسيات لتحقيق التفوق، حيث أفاد التقرير بأن المسوقين يركزون بشكل متزايد على مهارات التحليل والذكاء الاصطناعي كأهم المهارات المطلوبة، وتظهر بيانات LinkedIn أن هذه المهارات كانت الأكثر إضافة في ملفاتهم الشخصية في 2024.

8. تحسين التعاون بين الإدارات وتوحيد الجهود

لتعظيم الأثر التسويقي، يشير التقرير إلى ضرورة التنسيق بين أقسام التسويق والمبيعات وتوحيد الجهود نحو تحقيق أهداف الشركة. أظهر الاستطلاع أن 54% من المسوقين يسعون لتحقيق انسجام بين جهود التسويق والمبيعات، وذلك عبر بناء علاقات قوية مع المديرين التنفيذيين من الأقسام المختلفة لدعم جهود التسويق وتعزيز دورها في تحقيق النمو.

9. مواجهة تحديات القياس وإثبات العائد على الاستثمار

يتطلب إثبات تأثير الأنشطة التسويقية قياسات دقيقة وأدوات فعّالة لتحليل الأداء، حيث يعاني العديد من المسوقين من ضغوط متزايدة لإثبات العائد على الاستثمار في فترة زمنية قصيرة. ويشير التقرير إلى ضرورة تطوير أدوات القياس وتبني سياسات تكنولوجية واضحة للتغلب على التحديات المرتبطة بجمع البيانات وتحليلها.

في ضوء هذه الرؤى، يتضح أن مستقبل التسويق بين الشركات يعتمد على قدرات توازن بين المهارات التقليدية والمهارات الحديثة، مع تعزيز التعاون بين الإدارات، والاعتماد على الابتكار التكنولوجي والذكاء الاصطناعي لزيادة الكفاءة. ومن خلال الاستثمار المستدام في فرق العمل، وتوفير بيئة شاملة وداعمة، تستطيع الشركات تحقيق أقصى استفادة من جهودها التسويقية وتقديم تجربة عملاء متميزة تعزز من قيمتها السوقية.