no-photo

الشمول المالي الرقمي فرصة عالمية وتحديات ناشئة

مع الإمكانية الكبيرة للوصول إلى مليارات العملاء الجدد، بدأت البنوك وعدد متزايد من المؤسسات غير المصرفية بتقديم خدمات مالية رقمية للفئات المستبعدة من التعاملات المصرفية، مستفيدةً من الأساليب الرقمية التي استُخدمت على مدار سنوات لتحسين قنوات الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية، وقد تم إطلاق خدمات مالية رقمية — تشمل استخدام الهواتف المحمولة — في أكثر من 80 دولة، حيث وصل بعضها إلى مستويات انتشار واسعة، ونتيجة لذلك، بدأ ملايين الأفراد من الفئات المستبعدة سابقًا بالتحول من المعاملات النقدية فقط إلى استخدام خدمات مالية رسمية مثل: المدفوعات، والتحويلات، والادخار، والائتمان، والتأمين، باستخدام الهاتف المحمول أو تقنيات رقمية أخرى.

ويستمر المشهد في التغير السريع بفضل ظهور تقنيات جديدة بشكل متزايد، مما يعزز مفهوم الشمول المالي الرقمي، الذي يتمثل في استخدام الوسائل الرقمية منخفضة التكلفة للوصول إلى الفئات المحرومة من الخدمات المالية الرسمية، وذلك من خلال تقديم خدمات مناسبة لاحتياجاتهم، بشكل مسؤول، وبتكلفة مقبولة للعملاء ومستدامة لمقدمي الخدمات.


التحديات والمخاطر المرتبطة بالخدمات المالية الرقمية

ورغم ما تمتلكه المؤسسات المزودة للخدمات المالية الرقمية من خبرة تمنحها ميزة تنافسية، إلا أن ظهور خدمات وتقنيات جديدة يُدخل معها مجموعة من المخاطر، من أبرزها:

دخول شركات غير مالية تقدم تقنيات مبتكرة ومنافسة .

علاقات تعاقدية جديدة بين المؤسسات المالية وأطراف ثالثة، مثل شبكات الوكلاء وترتيبات التعهيد الخارجي.

اختلاف المعاملة التنظيمية للمنتجات الشبيهة بالودائع مقارنة بالودائع التقليدية.

تكاليف غير متوقعة يتحملها العملاء غير المتمرسين، وخصوصًا الفئات الضعيفة.

استخدام أنواع جديدة من البيانات أو استخدام البيانات الحالية بطرق جديدة، مما يثير قضايا تتعلق بالخصوصية وأمن البيانات.


المكونات الأساسية للشمول المالي الرقمي

يتكوّن النظام  الرئيسي للشمول المالي الرقمي من العناصر التالية:

↩ المنصات الرقمية للمعاملات حيث تتيح للعملاء إجراء المدفوعات والتحويلات وتخزين قيمة الاموال إلكترونيًا من خلال أجهزة تنقل بيانات المعاملات وتتصل بمؤسسة مصرفية أو غير مصرفية مرخص لها بتخزين الأموال الإلكترونية.

↩ الأجهزة المستخدمة من قبل العملاء قد تكون أجهزة رقمية مثل الهواتف المحمولة، أو أدوات مثل بطاقات الدفع التي تتصل بأجهزة رقمية أخرى كأجهزة نقاط البيع.

↩ الوكلاء حيث يمثلون نقطة اتصال مادية تتيح للعملاء تحويل النقود إلى رصيد إلكتروني (إيداع نقدي) أو العكس (سحب نقدي)، باستخدام أجهزة متصلة بشبكات الاتصال.

↩ الخدمات المالية الإضافية:مثل الائتمان والادخار والتأمين والأوراق المالية، تقدم من خلال المنصات الرقمية وتعتمد على البيانات الرقمية لتحديد المستفيدين وإدارة المخاطر.


الأثر التحويلي للشمول المالي الرقمي

بالنسبة إلى 2.5 مليار شخص بالغ لا يتعاملون سوى بالنقد بسبب عدم وصولهم إلى الخدمات المالية الرسمية، يُعد الشمول المالي الرقمي خطوة تحولية حقيقية، وتتضمن الفوائد ما يلي:

↩ الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية  مثل المدفوعات، والتحويلات، والادخار، والائتمان، والتأمين، والأوراق المالية، فمع الوقت، ومع ازدياد الثقة في المنصات الرقمية، يتوسع استخدام العملاء للخدمات المعتمدة على الحسابات.

↩ انخفاض التكلفة حيث توفر المنصات الرقمية معاملات أقل تكلفة لكل من العملاء ومقدمي الخدمات، مما يتيح إجراء معاملات صغيرة وغير منتظمة محليًا، وهو أمر مفيد للفئات ذات الدخل المتقطع.

↩ خدمات مالية مصممة حسب الحاجة حيث يمكن تصميم منتجات وخدمات مالية تتناسب مع ظروف العملاء بناءً على البيانات المتولدة عن استخدام المنصة اذ ان المنصات المالية الرقمية لا تقتصر فقط على تقديم خدمات موحدة لجميع المستخدمين، بل يمكنها تخصيص المنتجات المالية وفقًا لاحتياجات كل عميل بناءً على البيانات التي يتم جمعها من سلوكه وتفاعله مع المنصة.

↩ تقليل المخاطر ويكون ذلك بالحد من سرقة الأموال أو فقدانها أو التعرض للاحتيال، إضافةً إلى خفض تكاليف التعاملات النقدية.

↩ تمكين اقتصادي من خلال تمكين الأفراد — خاصة النساء — من امتلاك الأصول والمشاركة في الأنشطة الاقتصادية.


المخاطر الكامنة للشمول المالي الرقمي

رغم الفوائد الكبيرة للشمول المالي ، إلا أن هناك مخاطر كامنة تواجه العملاء :

↩ مخاطر الخبرة  حيث إن قلة الخبرة والمعرفة لدى العملاء قد تجعلهم عرضة للاستغلال أو الفهم الخاطئ للمنتجات.

↩ مخاطر الوكلاء  قد لا يخضع مزودو الخدمات الجدد لنفس معايير حماية المستهلك المطبقة على البنوك والمؤسسات التقليدية.

↩ مخاطر التكنولوجيا الرقمية  مثل انقطاع الخدمة أو فقدان البيانات (بسبب تعطل الرسائل مثلاً)، أو التعرض لانتهاكات الخصوصية نتيجة تخزين البيانات وإرسالها رقميًا.

ورغم هذه المخاطر، إلا أن الإقبال المتزايد على هذه الخدمات في العديد من الأسواق يدل على أن العملاء لا يرون هذه التحديات أكبر من الفوائد المتحققة من استخدامها .


شهادة CEH

انطلق في عالم الأمن السيبراني مع شهادة CEH

برنامج تدريبي تفاعلي يؤهلك لسوق العمل بأحدث تقنيات الاختراق الأخلاقي وأساليب الحماية الرقمية. احصل على شهادة CEH المعتمدة وابدأ مسارك المهني في مجال الأمن السيبراني.


قضايا تنظيمية محورية

يستلزم الشمول المالي الرقمي تنظيمًا دقيقًا يتناول النقاط التالية:

↩ تنظيم الوكلاء الماليين:

الوكلاء الماليون هم الجهة التي تتعامل مباشرة مع العملاء، مثل متاجر البيع بالتجزئة أو نقاط الخدمات المعتمدة، لذا، من الضروري وجود لوائح واضحة تحدد صلاحياتهم، وشروط ترخيصهم، ومسؤولياتهم لضمان تقديم خدمات آمنة وموثوقة، وضمان التزامهم بمعايير الشفافية وحماية بيانات العملاء.

↩ قواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب:

مع انتشار المعاملات الرقمية، يصبح من الضروري فرض ضوابط صارمة لضمان عدم استخدام هذه القنوات في أنشطة غير قانونية، تشمل هذه القواعد التحقق من هوية العميل (اعرف عميلك – KYC)، ومراقبة التحويلات المشبوهة، والتبليغ عن المعاملات غير المعتادة لحماية النظام المالي من الاستغلال.

↩ تنظيم الأموال الإلكترونية (E-money):

الأموال الإلكترونية هي القيمة المخزنة رقميًا والتي يمكن استخدامها للدفع والتحويل، وغالبًا ما تحتفظ بها شركات غير مصرفية، ولضمان استقرار النظام، يجب وضع إطار تنظيمي يحدد كيفية إصدار هذه الأموال، وضمان تغطيتها بسيولة مالية حقيقية، وحماية حقوق العملاء في حال تعثّر الجهة المقدمة للخدمة.

↩ حماية المستهلك:

يشمل ذلك ضمان أن تكون الخدمات المقدمة مفهومة، وأسعارها شفافة، ولا تنطوي على ممارسات استغلالية، كما يتضمن توفير آليات فعالة لتقديم الشكاوى وتسويتها، وتثقيف العملاء حول حقوقهم ومسؤولياتهم عند استخدام الخدمات الرقمية.

↩ تنظيم أنظمة الدفع:

تحتاج أنظمة الدفع الرقمية إلى تنظيم شامل يضمن كفاءتها، وسلامتها، وتوافقها الفني بين مختلف الأطراف (البنوك، المحافظ، مزوّدي الخدمات)، كما يجب ضمان استمرار الخدمة وتقليل مخاطر الأعطال أو التلاعب، خاصةً مع الاعتماد المتزايد عليها في الحياة اليومية.

↩ ضمان التنافسية في السوق.

يجب أن يوفّر التنظيم بيئة عادلة تسمح لجميع الأطراف — البنوك، الشركات الناشئة، ومشغلي الاتصالات — بالمنافسة على أسس متكافئة، ويشمل ذلك منع الاحتكار، وتشجيع الابتكار، وتسهيل دخول مزوّدي خدمات جدد لتعزيز تنوّع الخيارات المتاحة للمستهلكين.

وغالبًا ما تتقاطع هذه القضايا بين اختصاصات أكثر من جهة تنظيمية، مما يستوجب تنسيقًا وتعاونًا فعّالًا بينها.


نماذج متطورة ومخاطر جديدة

تعتمد النماذج الناشئة للشمول المالي الرقمي على توزيع الأدوار والمخاطر بشكل مختلف عن الأساليب التقليدية، فمثلًا، مشاركة مشغلي شبكات الهاتف المحمول كمزودين للأموال الإلكترونية أو كقناة للبنوك يضيف نوعًا خاصًا من المخاطر، وبعض المخاطر تنبع من طبيعة المنصة الرقمية نفسها، وأخرى ترتبط بالخدمات المالية الإضافية خارج إطار المدفوعات والتحويلات وتخزين القيمة.







loader