حوكمة تكنولوجيا المعلومات: خارطة طريق لتعزيز الأمن والمرونة في القطاع المصرفي الليبي
يعيش القطاع المصرفي الليبي مرحلة تحول عميقة يقودها مصرف ليبيا المركزي، في مسارٍ يهدف إلى إعادة بناء الثقة بالمنظومة المالية، وتعزيز قدرتها على مواكبة التغيرات الرقمية المتسارعة. فالقطاع المصرفي، بطبيعته، يُعد مرآة للاقتصاد الوطني ومؤشراً لاستقراره، لكن في بيئة تتسم بالتحديات الجيوسياسية والتقنية مثل ليبيا، أصبحت حوكمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT Governance) أكثر من مجرد إجراء تنظيمي؛ إنها استراتيجية بقاء وضمان لاستمرارية الأعمال وحماية أصول المؤسسات المالية وصون ثقة المتعاملين. ومن هذا المنطلق، يتناول هذا التحول الذي يرعاه مصرف ليبيا المركزي الإطار الشامل لحوكمة تكنولوجيا المعلومات في القطاع المصرفي، بوصفه ركيزة أساسية لبناء قطاع مصرفي أكثر أمناً ومرونة وقدرة على تحقيق أهدافه الاستراتيجية. انطلقت رؤية مصرف ليبيا المركزي من إدراكه العميق بأن نجاح أي تحول رقمي لا يقوم على التقنية فحسب، بل على ثقافة مؤسسية جديدة ترتكز على الحوكمة والشفافية والمساءلة. لذلك، تبنى المصرف نهجاً يقوم على المبادئ التوجيهية العالمية المستمدة من أطر مثل COBIT وISACA، التي تُعنى بإرساء منظومة متكاملة لإدارة التكنولوجيا والمخاطر، وتعمل على ترسيخ ثقافة الوعي الأمني والمسؤولية المؤسسية في جميع المستويات الإدارية. هذه المبادئ لم تكن مجرد شعارات تنظيمية، بل أصبحت محور تحول حقيقي داخل القطاع، حيث بدأت المصارف الليبية تعتمد على سياسات واضحة لضمان الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا، وتوجيهها لخدمة أهدافها التشغيلية والاستراتيجية. أدرك مصرف ليبيا المركزي أن الحوكمة الفعالة لا يمكن أن تُبنى من الأسفل إلى الأعلى فقط، بل يجب أن تنطلق من القيادة العليا، التي تتحمل المسؤولية النهائية في توجيه مسار التحول. وفي هذا السياق، ركّز المصرف على ثلاثة محاور رئيسية: ↩ التوجيه الاستراتيجي: من خلال وضع رؤية رقمية واضحة لتكنولوجيا المعلومات ترتبط بالأهداف الوطنية والاقتصادية الكبرى، وتستجيب لبيئة تشغيلية معقدة تتطلب قرارات سريعة وذكية. ↩ تخصيص الموارد: إذ بات من الضروري تخصيص موارد مالية وبشرية كافية لتأمين البنية التحتية التكنولوجية وتطبيق ضوابط الأمن والحوكمة. هذا الاستثمار يُعدّ خطوة استراتيجية لمواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة التي تستهدف القطاع المالي. ↩ الإشراف الفعّال: حيث أُنشئت آليات متابعة دقيقة لتقارير التدقيق والمخاطر، تُمكّن القيادة من التدخل السريع واتخاذ الإجراءات التصحيحية دون تأخير، لضمان الاستقرار واستمرارية العمليات المصرفية. وبهذا النهج، لم يعد الأمن المعلوماتي مهمة تقنية محصورة في أقسام الدعم الفني، بل أصبح قراراً استراتيجياً تتبناه القيادة العليا باعتباره عنصراً أساسياً من عناصر استدامة المؤسسة. كجزء من هذا التحول، يعمل مصرف ليبيا المركزي والمصارف التابعة له على إنشاء إطار متكامل لإدارة المخاطر التقنية، يرتبط بشكل وثيق بالإطار العام لإدارة المخاطر المؤسسية. هذا الإطار يُعد أداة حيوية لتحديد وقياس وضبط ومراقبة المخاطر السيبرانية والتكنولوجية بشكل استباقي، بما يتيح للمؤسسات المصرفية التنبؤ بالتحديات قبل وقوعها، والتعامل معها بمنهجية علمية دقيقة. إن تطبيق هذا الإطار لا يهدف فقط إلى الحماية، بل إلى بناء قدرة استباقية وتكيفية تمكّن القطاع المصرفي الليبي من العمل بثقة في بيئة رقمية متغيرة، ومن خلال هذا المسار، يواصل مصرف ليبيا المركزي قيادة رحلة التحول نحو حوكمة رقمية رشيدة تجعل من التكنولوجيا رافعةً للأمن والاستقرار والنمو، لا مصدر تهديد أو ارتباك. بهذه الخطوات المتتابعة، يرسم المصرف المركزي ملامح مستقبل مصرفي جديد في ليبيا، حيث تتقاطع التقنية مع الحوكمة، وتصبح الشفافية والمساءلة ركيزتين لاستدامة التطور والابتكار في المنظومة المالية الوطنية. من هذا المنطلق، اعتمد مصرف ليبيا المركزي إطاراً عاماً لإدارة المخاطر التقنية يهدف إلى بناء منظومة استباقية تعمل على التنبؤ بالمخاطر وتحليلها والتعامل معها بمنهجية علمية واضحة. يقوم هذا الإطار على ثلاث مراحل رئيسية مترابطة هي: التقييم، التخفيف، والمتابعة، وهي مراحل تمثل دورة حياة مستمرة لحماية العمليات المصرفية وضمان جاهزيتها في كل الظروف. في بيئة مثل ليبيا، لا تقتصر التهديدات على الهجمات الإلكترونية فحسب، بل تمتد لتشمل مخاطر تشغيلية قد تنجم عن انقطاع الطاقة، أو ضعف الاتصالات، أو اضطرابات بيئية وتنظيمية. ومن هنا جاء تركيز مصرف ليبيا المركزي على وضع نظام تقييم شامل يأخذ في الاعتبار الخصوصية المحلية والتحديات التقنية الراهنة. ويتضمن هذا النظام مجموعة من الخطوات الجوهرية: قياس شدة المخاطر: يقوم هذا الإجراء على تحديد احتمالية وقوع الخطر وتقدير أثره المالي والتشغيلي والسمعي على المصرف، بما يمكّن من ترتيب الأولويات وتخصيص الموارد بشكل دقيق. تحليل الأثر على الأعمال (BIA): وهي عملية استراتيجية تهدف إلى تحديد العمليات الحرجة التي لا يمكن توقفها تحت أي ظرف، ووضع مؤشرات زمنية دقيقة مثل هدف وقت التعافي (RTO) وهدف نقطة التعافي (RPO)، اللذين يشكلان حجر الزاوية في بناء خطط التعافي من الكوارث واستمرارية الأعمال. بهذه المنهجية، يسعى مصرف ليبيا المركزي إلى تحويل إدارة المخاطر من رد فعل بعد وقوع الحدث إلى نظام استباقي قائم على التنبؤ والتحليل المستمر. بعد تحديد المخاطر وتقييمها، ينتقل الإطار إلى مرحلة لا تقل أهمية، وهي مرحلة التخفيف والرقابة، التي تهدف إلى تقليل احتمالية وقوع الخطر أو الحد من آثاره في حال حدوثه. وهنا يوصي مصرف ليبيا المركزي جميع المؤسسات المصرفية بتطبيق مجموعة من الضوابط الفنية والتنظيمية القوية، من أبرزها: ↩ التشفير (Encryption): لضمان حماية البيانات الحساسة أثناء التخزين والنقل، ومنع أي تسريب أو اختراق محتمل للمعلومات. ↩ ضوابط الوصول (Access Control): من خلال تطبيق مبدأ أقل الامتيازات (Least Privilege) لضمان منح كل موظف صلاحيات محددة لا تتجاوز نطاق عمله، مما يقلل من مساحة الهجوم الداخلية ويعزز الأمان الداخلي. ↩ النسخ الاحتياطي الدوري: عبر إنشاء نسخ احتياطية آمنة ومُختبرة دورياً، بحيث يمكن استعادة الأنظمة والبيانات بسرعة في حال التعرض لأي خلل أو هجوم. بهذه الإجراءات، يسعى مصرف ليبيا المركزي إلى إرساء ثقافة جديدة في القطاع المصرفي، تقوم على الاستباقية بدلاً من رد الفعل، والتحصين المستمر بدلاً من المعالجة المؤقتة. إن هذا الإطار المتكامل لإدارة المخاطر لا يمثل فقط استجابة للمتطلبات التنظيمية، بل هو تجسيد لرؤية مصرف ليبيا المركزي في بناء قطاع مصرفي resilient قادر على مواجهة التحديات التقنية والاقتصادية بثقة ومرونة، محافظاً بذلك على استقرار النظام المالي الليبي ومستقبله الرقمي. القطاع المصرفي الليبي - تقييم الاحتمالية مقابل التأثير يولي مصرف ليبيا المركزي اهتماماً بالغاً بحوكمة البنية التحتية ومراكز البيانات، باعتبارها محوراً رئيسياً في تحقيق الجاهزية التشغيلية واستدامة الخدمة المصرفية حتى في أكثر الظروف صعوبة. ويستند هذا التوجه إلى إطار عمل صارم يفرض أعلى معايير الحماية، سواء على المستوى المادي أو المنطقي. يدرك مصرف ليبيا المركزي أن حماية مراكز البيانات تمثل خط الدفاع الأول لاستقرار الأنظمة المصرفية، ولذلك شدّد على ضرورة التزام المؤسسات المصرفية بالضوابط التالية: ↩ الأمن المادي المتقدم: تطبيق إجراءات مشددة للتحكم في الدخول والخروج إلى مراكز البيانات، واستخدام أنظمة مراقبة بيئية متطورة تتابع درجة الحرارة والرطوبة، بالإضافة إلى أنظمة إطفاء حرائق ذكية تقلل من المخاطر التشغيلية المحتملة. ↩ استمرارية الأعمال والتعافي من الكوارث (BCP/DRP): يُلزم الإطار المؤسسات بوضع خطط تفصيلية ومُختبرة بانتظام لاستمرارية الأعمال في حالات الطوارئ. وفي السياق الليبي، يتوجب أن تشمل هذه الخطط سيناريوهات متعددة مثل الكوارث الطبيعية، والأزمات الأمنية، والانقطاعات الطويلة في الكهرباء أو الاتصالات، لضمان استمرارية الخدمة دون انقطاع. لا تقتصر الحوكمة على الحماية المادية، بل تمتد إلى إدارة شاملة لأمن الشبكات والخوادم والأجهزة بهدف تعزيز المرونة التشغيلية وتقليل احتمالية الاختراقات أو الأعطال الكبرى. ويتحقق ذلك من خلال تطبيق ممارسات أساسية مثل: ↩ إدارة الثغرات (Vulnerability Management): إجراء عمليات مسح دورية للأنظمة لاكتشاف الثغرات الأمنية، مع تطبيق التحديثات والتصحيحات (Patches) فور صدورها لمنع استغلالها من قبل المهاجمين. ↩ أمن الشبكات المتقدم: اعتماد بنية دفاعية متعددة الطبقات تتضمن جدران نارية من الجيل الجديد (Next-Generation Firewalls) وتقسيم الشبكة (Network Segmentation) لعزل الأنظمة الحساسة وتقليل مساحة الهجوم. ↩ الرقابة على الوصول للموارد: تفعيل أنظمة إدارة الهوية والوصول (IAM) والمصادقة متعددة العوامل (MFA) لضمان أن الوصول إلى الأنظمة الحساسة محصور فقط بالمستخدمين المخولين، وفق صلاحيات محددة بدقة. من خلال هذه الإجراءات، يسعى مصرف ليبيا المركزي إلى ضمان أن تكون البنية التحتية المصرفية مرنة، متاحة، ومؤمنة على مدار الساعة، بما يعزز ثقة العملاء ويضمن سلامة النظام المالي. مع توسع المصارف الليبية في تبني الخدمات الرقمية، أصبح من الضروري أن تكون حوكمة تطوير الأنظمة واقتنائها جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية الأمن السيبراني التي يشرف عليها مصرف ليبيا المركزي. فكل نظام جديد يُضاف إلى بيئة العمل يجب أن يخضع لضوابط دقيقة تضمن خلوه من نقاط الضعف التي قد تُستغل لاحقاً. يركز مصرف ليبيا المركزي على مبدأ "الأمن من البداية"، أي إدماج عناصر الأمان في كل مرحلة من مراحل دورة حياة تطوير النظام (SDLC)، وليس الاكتفاء بالتحقق في المراحل الأخيرة. ويشمل هذا النهج: ↩ اختبارات أمنية شاملة: تنفيذ اختبارات اختراق دورية (Penetration Testing) واختبارات وظيفية وأمنية قبل الانتقال إلى بيئة الإنتاج، للتأكد من جاهزية النظام ومتانته أمام أي تهديد محتمل. ↩ التحقق من الموردين: عند اقتناء أنظمة أو حلول جاهزة من أطراف خارجية، يتوجب التأكد من التزام الموردين بمعايير الأمن والحوكمة التي حددها مصرف ليبيا المركزي، مما يضمن تكاملية الأنظمة وحمايتها من المخاطر الخارجية. في بيئة مصرفية شديدة الحساسية، قد يؤدي أي تعديل غير مدروس إلى تعطيل الخدمات أو إحداث ثغرات غير متوقعة. لذا شدد الإطار على أهمية اتباع آليات منظمة لإدارة التغيير تضمن التحكم الكامل في كل عملية تعديل على الأنظمة الإنتاجية، وتشمل: ↩ التقييم والموافقة المسبقة: ضرورة عرض جميع طلبات التغيير على لجنة مختصة تقوم بتحليل المخاطر ومراجعة الأثر قبل الموافقة على التنفيذ. ↩ خطة التراجع (Rollback Plan): إعداد خطة تراجع مفصلة ومُختبرة مسبقاً تتيح العودة السريعة إلى النسخة السابقة في حال فشل التحديث أو ظهور مشكلات تشغيلية بعد النشر. من خلال هذا النهج المتكامل، يؤكد مصرف ليبيا المركزي التزامه ببناء منظومة رقمية مصرفية آمنة، مستدامة، ومتماسكة، تُدار فيها البنية التحتية والأنظمة وفق معايير عالمية دقيقة، وتُحوكم فيها التكنولوجيا باعتبارها عنصراً استراتيجياً لتحقيق النمو الاقتصادي وحماية استقرار القطاع المالي الليبي مراحل التطوير مع نقاط التحكم في الحوكمة والأمن في ظل التوسع المتزايد في الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، أصبح تأمين هذه الخدمات من أهم أولويات مصرف ليبيا المركزي، إذ يرى أن الثقة في الدفع الإلكتروني هي حجر الأساس لتسريع التحول الرقمي وتعزيز الشمول المالي داخل ليبيا. ويعتبر المصرف أن تطبيق ضوابط الأمن الإلكتروني ليس مجرد التزام تنظيمي، بل فرصة استراتيجية للنمو وبناء علاقة مستدامة بين العملاء والمؤسسات المصرفية. لتعزيز ثقة المستخدمين في الخدمات المصرفية الرقمية، وجّه مصرف ليبيا المركزي المصارف إلى تبني ضوابط صارمة تضمن سلامة الأنظمة واستقرارها، من أبرزها: ↩ أمن التطبيقات (Application Security): ضرورة إجراء تدقيق أمني شامل واختبارات اختراق دورية لتطبيقات الويب والهاتف المحمول، بما يكشف الثغرات قبل استغلالها. ↩ مكافحة الاحتيال (Fraud Management): تطبيق أنظمة ذكية متقدمة قادرة على رصد الأنماط المشبوهة وكشف محاولات الاحتيال في الوقت الحقيقي، خصوصاً في ظل تزايد هجمات التصيد والاختراق المالي. يولي مصرف ليبيا المركزي اهتماماً خاصاً بتأمين أنظمة الدفع الإلكتروني التي تشمل أجهزة الصراف الآلي (ATM)، وبطاقات الدفع، والتطبيقات التي تدير المعاملات المالية. ويركز الإطار على مجموعة من الضوابط الأساسية لضمان سلامة هذه العمليات: ↩ الامتثال للمعايير الدولية: الالتزام بمعايير PCI DSS الخاصة بحماية بيانات بطاقات الدفع، لضمان أمن معلومات العملاء والبطاقات المصرفية. ↩ أمن البنية التحتية للدفع: تأمين الشبكات والأجهزة التي تدير عمليات الدفع ضد الوصول غير المصرح به، باعتبارها مكوناً حيوياً من مكونات استقرار النظام المالي الوطني. من خلال هذه الإجراءات، يسعى مصرف ليبيا المركزي إلى بناء منظومة مالية رقمية تُوازن بين الراحة والأمان، وتعيد تعريف تجربة العميل في بيئة مصرفية موثوقة وحديثة. لضمان فاعلية إطار الحوكمة التقنية واستمراريته، أكد مصرف ليبيا المركزي على أهمية ترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة عبر آليات تدقيق مستقلة، داخلية وخارجية، تُمكّن من تقييم الالتزام وضبط المخاطر وتعزيز الثقة في النظام المصرفي. يشترط الإطار أن تكون وظيفة التدقيق الداخلي لتكنولوجيا المعلومات مستقلة تماماً عن الإدارات التنفيذية، لتضمن الحياد والموضوعية. وتشمل مهامها الأساسية: ↩ تقييم الامتثال: التحقق من التزام المؤسسة بالضوابط الأمنية والحوكمية المحددة من قبل مصرف ليبيا المركزي. ↩ تقييم الكفاءة: مراجعة كفاءة وفعالية العمليات التقنية، وتقديم توصيات عملية لتحسين الأداء وضمان التوافق مع أفضل الممارسات الدولية. ↩ إعداد التقارير: رفع تقارير دورية وموضوعية إلى مجلس الإدارة والإدارة العليا تتضمن حالة الأمن، مستوى المخاطر، وأداء ضوابط الحوكمة. يشجع مصرف ليبيا المركزي المؤسسات على الاستعانة بمدققين خارجيين مؤهلين لتقييم الأنظمة الحساسة والعمليات الحرجة. الهدف هو ضمان نظرة محايدة وموضوعية تعزز مصداقية المؤسسات أمام الجهات الرقابية والمساهمين، وتدعم تطوير ضوابط الحوكمة بشكل مستمر. بهذا النهج، تتحول عملية التدقيق إلى أداة استراتيجية لتعزيز الثقة العامة، لا مجرد التزام رقابي شكلي، مما يعزز مكانة المصارف الليبية في بيئة مالية إقليمية متغيرة. يؤمن مصرف ليبيا المركزي أن التكنولوجيا مهما بلغت من تطور، فإن نجاحها الحقيقي يعتمد على العنصر البشري الذي يديرها. لذلك، جعل من تطوير الكفاءات وبناء القدرات ركيزة أساسية في الإطار الوطني للحوكمة الرقمية. يشجع المصرف المؤسسات المصرفية على الاستثمار في الكفاءات المحلية من خلال برامج تدريب متخصصة ترفع مستوى الوعي الأمني والمهني، وتشمل مجالات مثل إدارة المخاطر، التدقيق التقني، وأمن المعلومات. ويركز الإطار على أهمية: ↩ توظيف الكوادر المؤهلة: اعتماد معايير مهنية دولية مثل شهادات COBIT، CISA، CISM لضمان جاهزية الموظفين الفنيين والإداريين. ↩ بناء القدرات الداخلية: تقليل الاعتماد على الاستشاريين الخارجيين عبر تطوير فرق داخلية قادرة على إدارة العمليات التقنية بفعالية واستدامة. يُحدد مصرف ليبيا المركزي مساراً تدريجياً لتطوير النضج المؤسسي في إدارة التكنولوجيا والحوكمة، يقوم على مرحلتين رئيسيتين: ↩ المستوى المستهدف (مؤسس – Established): الوصول إلى مستوى نضج 3.2 في العمليات الأساسية، عبر وضع السياسات والإجراءات الرسمية وتطبيقها منهجياً. ↩ التحسين المستمر (Optimization): الطموح للوصول إلى مستوى نضج 5.2، وهو المستوى الذي يُدمج فيه الأمن والحوكمة في ثقافة المؤسسة بالكامل، ويُبنى على أساس قياس الأداء والتطوير المستمر. رحلة التحول من المستوى الحالي إلى التحسين المستدام لضمان استدامة التحول الرقمي1. المبادئ التأسيسية: بناء ثقافة الحوكمة والأمن
أ. القيادة العليا والمسؤولية النهائية
ب. الإطار الشامل لإدارة المخاطر التقنية (ERM-IT)
التحدي في القطاع المصرفي الليبي
دور إطار الحوكمة في المعالجة
التهديدات السيبرانية المتصاعدة
يفرض الإطار تبني معايير دولية لـ الأمن السيبراني، مما يرفع مستوى الحماية ضد الهجمات الموجهة.
تقادُم البنية التحتية
يوجه الإطار نحو إدارة دورة حياة الأنظمة وتطويرها، لضمان تحديث البنية التحتية بشكل مستمر.
نقص الكفاءات المتخصصة
يشدد الإطار على حوكمة الموارد البشرية، مما يضمن توظيف وتدريب الكوادر المؤهلة في مجالات الحوكمة والأمن.
المبادئ الرئيسية للحوكمة
2. الإطار العام لإدارة المخاطر: درع المرونة التشغيلية
أ. تحديد وتقييم المخاطر (Risk Assessment)
ب. الرقابة والتخفيف من المخاطر
مصفوفة المخاطر التقنية
3. حوكمة البنية التحتية: ضمان التوافرية والاستمرارية
أ. حماية مراكز البيانات والرقابة عليها
ب. إدارة أمن البنية التحتية التشغيلية
4. حوكمة دورة حياة الأنظمة: نحو تحول رقمي آمن
أ. تطوير واقتناء النظم الآمنة (Secure SDLC)
ب. إدارة التغيير (Change Management)
دورة حياة تطوير النظام الآمن (SDLC)
5. تأمين الخدمات المالية الرقمية: بناء الثقة في الدفع الإلكتروني
أ. الخدمات المالية عبر الإنترنت
ب. أمن خدمات الدفع الإلكتروني
6. التدقيق والامتثال: ركيزة الشفافية والمساءلة
أ. التدقيق الداخلي المستقل
ب. التدقيق الخارجي
7. الموارد البشرية والنضج المؤسسي: الاستثمار في المستقبل
أ. الكفاءات والتدريب المتخصص
ب. خارطة الطريق نحو النضج المؤسسي
مسار النضج المؤسسي
حوكمة التكنولوجيا كرافعة للاستقرار المالي في ليبيا